افتراضي اولى مشاركاتى (المصائب لا تاتى فرادى)

=المصائب لا تأتى فرادى=

بصعوبة فتحت عيناى لارى ذلك السقف الذى لم اراه من مدة طويلة وقد وضح عليه التهالك الشديد حاله كحال معظم حوائط الشقة ثم سمعت ذلك الصوت المعروف مرة اخرى.....
_"قوم من النوم انت اتاْخرت قوم.... قوم....." كالعادة صحتنى زوجتى .
وبسؤالى المعتاد لها" هى الساعة كام...؟
"الساعة تسعة و.....!!!"

قبل ان تكمل الجملة كنت فى طريقى الى المرحاض ثم رأيت ذلك القميص الذى ارتديه البارحة و كنت قد وضعت الورقة التى وجدتها على مكتبى بالعمل داخله لا اعلم لم تذكرته فى هذا الوقت بالتحديد على اية حال بعد خروجى من الحمام فوجئت بتلك السفرة وقد زادت شيئا لم اعهده منذ فترة بعيدة وسرعان ما عرفته باقترابى منها بعد رؤيتى لطبق من الفول عليها،على الفور علمت باْن هناك شيئا تخبئه لى زوجتى بعد تحضيرها الافطار لى.

_"اتفضل الفطار يا حبيبى...."قالت زوجتى بشئ من السعادة
رددت -بعد لحظات من الذهول -"ليه التعب ده يا حياتى".....
فوجئت بتلك الضحكة الخارجة من بين فكيها وشعرت بذلك المطلب المعروف.....
_" انت عارف ان اخر ميعاد مصاريف ابنك انهار... ؟"توقفت بعد ان رأت الاحمرار الواضح على وجهى .
_" وانت عارفة انى مقدم طلب سُلفة بقالى اسبوعين؟"رددت بثقة
_"مانا عارفة ...لكن المفروض السُلفة دى كانت عشان قسط التليفزيون والتلاجة و......"
_"الحمد لله" ...رددت مقاطعا،

كنت قد انهيت افطارى الذى لم اشرع فيه،على الفور ارتديت ملابسى التى ارتديتها البارحة - فى الغالب لم يكن لدى غيرها- وانطلقت مسرعا لاذهب لعملى ،فوجئت بتلك الفاتورة فى طريقى للخارج والتى نسيتها فى خضم المستحقات المطالب بها ، لم الحظ من التفاصيل سوى المطلوب دفعه وهو الشئ الذى

كان كافيا لخروجى من شقتى بذلك الوجه البائس الذى اكاد لا اخرج بغيره يوميا .
كالعادة انتظرت مايقرب من نصف ساعة لركوب الحافلة ، اثناء وقوفى المعتاد فى المكان الفاصل بين الكراسى( التى لا استطيع ان اتذكر اخر مرة جلست عليها)لا حظت حركة غير طبيعية لشخص معين بين الراكبين، لم البث فى الاستغراب حتى فوجئت بهروب ذلك الشخص من الحافلة حيث قفز منها وهى مسرعة وبقفز الناس ورائه للحاق به شعرت ببعض الفضاء الذى سرعان ما امتلئ عند اول تقاطع تمر به الحافلة،اثناء التهيئ لدفع ثمن التذكرة وعند اخراجى للمحفظة شعرت للحظة بتوقف قلبى مع تلك الافكار الفجائية القافزة الى مخى والتى سببت ردة الفعل الواضحة على ارتعاشة يدى وتصبُب العرق من جبهتى ، انتهت كل تلك التغيرات الفسيولوجية فى جسدى الى حقيقة واحدة وهى اننى اتسرقت، على الفور شرعت فى التأكد من كذب جهازى العصبى بالبحث فى كافة الجيوب ولكنى انتهيت الى نفس الحقيقة.انطلقت صرختى

المدوية فى ارجاء الحافلة:
_"محفظتى اتسرقت..... محفظتى اتسرقت...."
_"مش تخلى بالك يا بيه.. وكنت تشوف محفظتك اول ما الحرامى نزل من الاتوبيس" بصوت حزين
_"طب اعمل ايه دلوقتى؟!"
_"عليه العوض و منه العوض!!!"
_"هو اقرب قسم شرطة هنا فين....؟"

انفرج وجهه بابتسامة غريبة وكانها نحتت على رمال لشاطئ قبل ان تمحوها المياه او كانها حفرت فى صخر صلد حيث لم تكن ملائمة لوجهه الكادح الضعيف ثم رد
_"تلاقى الشرطة هم اللى مشغلين الحرامية اساسا.."

اتسع فاصل بين فكيا بعد ان توقفت تلك الرعشة ليتحول مخى الى رد فعلٍ اخر اقرب الى الذهول ثم رددت
_"مش ممكن الكلام دة .... انت عمرك قدمت بلاغ للشرطة فى حادثة سرقة؟ "سالته بعنف..
_"الصراحة لاْ... دة كلام بسمعه من الناس"
_"الناس بتشوه سمعة الشرطة...وفى النهاية ده فى مصلحة الحرامية لانه بالشكل ده محدش بيقدم بلاغ لما يتسرق!!!"
_" على العموم قسم الشرطة مش بعيد من هناهو...."ثم وصف المكان ،لاحظت تغييره لمجرى الكلام بطريقة لم اعرف ان كان اقتنع ام لا واثرت ان انهى الحوار بسبب اقتراب نزولى.

لاحظت تلك الطيبة المصرية- التى لاتنم عن وجود سارقين-من عدم طلب بائع التذاكر منى ثمن التذكرة فضلا عن عرض بعض الناس المساعدة لى .

لم يكن على الذهاب الى العمل متأخرا بساعتين ونصف الا لتلك السُلفة التى كنت قد قدمتها من اسبوعين،ذهبت لمكتبى الهزيل فى صمت واضح لاحظه احد زملائى قبل ان يهدر وقته فى اخبارى بشئ معروف.
_" المدير عايزك بسرعة فى مكتبه.. "
_"ليه؟...انا مش ناقصه انهاردة"
_"واضح انك عملت مصيبة ..لانه كان زعلان وقالى اول ما يشرف سعادته خليه يجيلى المكتب " ثم ضحك بخباثة.

قاومت ارجلى المنهكة وتعبى البدنى والنفسى الواضحين لاذهب لقدرى السئ آملا فى اخف الاضرار،دخلت مكتب المدير لارى ذلك الوجه السمين وقد انقلب لرؤيتى ،ايقنتُ بمدى سوء موقفى من الاحمرار الواضح فى مقلتيه وظننت بان نيران ستخرج من بين نواجزه ،واضطررت لتلطيف الاجواء...
_"خير يافندم"
_"شرفت يا سعادة الباشا مش كنت تبلغنا معاليك انك جاى انهاردة كنا......"
_"معلش يافندم انت لو تعرف ايه اللى حصلى انهاردة هتعذرنى....."

ثم سردت قصتى آملا فى تعاطفه معى ،لاحظتُ نظرته الفاضحة لعطفه معى لكن سرعان ما انقلبت تلك النظرة مرة اخرى لذلك الوجه المزمجر مرة اخرى ليرد على بعد ان يرمى ورقة امامى
_"ماهو ده من اهمالك يا استاذ ...،افتح الورقة دى كدة ...ده منظر تقرير مالى ...انت عارف ان التقرير ده كان ممكن يخسر الشركة ملايين...... انت متحول للتحقيق ..... اتفضل اطلع برة يلا...
فى الحقيقة لم استطيع ان اخبره بطلبى وذهبت على الفور لمكتبى لاجد زميلى منتظرا وكأنه كان يعلم بالموضوع

_"انا مكنش لازم اجى انهاردة"
_"ايه هو قالك ايه؟؟"
_"لأ...لا ماتخدش فى بالك... المهم انت متعرفش اخبار السلفة ايه؟"لاحظت الغضب على وجهه.
_"انا مش سبت الورقة على مكتبك امبارح انت نسيت ولا ايه؟!!"

وضحت تلك الفكرة فى رأسى لاتذكرالورقة التى اخذتها البارحة وكنت قد وضعتها فى جيب قميصى ،على الفور رأيت فتحت الورقة لأجد جملة فى اخر الطلب كانت الختام المناسب لذلك اليوم.
"الطلب مرفوض."